المسائل الفقهية التي حكى فيها ابن رشد إجماع الصحابة في كتابه بداية المجتهد ونهاية المقتصد

المسائل الفقهية التي حكى فيها ابن رشد إجماع الصحابة في كتابه بداية المجتهد ونهاية المقتصد(1: من أول الكتاب إلى آخر الوصايا)

ملخص:

يتناول هذا البحث ما ذكره الإمام ابن رشد في كتابه بداية المجتهد ونهاية المقتصد من إجماع للصحابة في المسائل الفقهية المختلفة، واقتصرت في هذا البحث على ما اعتدَّ به ابن رشد من إجماع للصحابة دون المسائل التي لم يعتد بها، حيث أورد ابن رشد بعض إجماعات الصحابة على سبيل الاعتراض فناقشها وردَّها، واقتصرت في هذا البحث على ذكر ما نقله ابن رشد من إجماع للصحابة من أول الكتاب إلى نهاية الوصايا، وقمت بذكر من نقل إجماع الصحابة من العلماء في تلك المسائل التي نقل فيها الإجماع ابن رشد، كما ذكرت مستند هذا الإجماع، دون التعرض لتناول المسألة بالدراسة الفقهية المقارنة.

Abstract:

This book deals with what Imam Ibn Rushd said in his book, The Beginning of the Mujtahid and the End of the Foolishness of the Companions of the Companions in the Different Juristic Issues. In this study, it was limited to what Ibn Rushd used to agree with the Companions without matters that were not recognized. Ibn Rushd reported some of the Companions’ It is limited in this research to mention what Ibn Rushd reported from the consensus of the Companions from the first book to the end of the commandments, and I mentioned the transfer of the consensus of the Sahaabah of the scholars in those matters in which the consensus was quoted Ibn Rushd, as stated in the document of this consensus, Exposure to address the matter in the study jurisprudence headquarters Of.

مقدمة:

إن مكانة الصحابة -رضوان الله عليهم- في الأمة عظيمة، ومنزلتهم في الدارين رفيعة، كيف وهم من اختارهم الله لصحبة رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد عاصروا نزول الوحي على الرسول الكريم، وهم أعرف الناس بمقصود ما أنزل بعد الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد جاءت النصوص الكثيرة بفضلهم، قال تعالى:{ مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ}([1]).

وقال صلى الله عليه وسلم: لما سئل: أي الناس خير؟ قال: «قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم»([2]).

وقوله صلى الله عليه وسلم: «عليكم بما عرفتم من سنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ»([3]).

ومن هنا فإن الصحابة –رضوان الله عليهم-حينما يجمعون على أمر من حل أو تحريم فمحال أن يكون ذلك إلا عين الصواب، وهذا العلم –أقصد نقل إجماع الصحابة-علم عظيم وعمل مبارك، وقد هيأ الله لهذه الأمة علماء أفذاذ قاموا بما فتح الله عليهم من عمل وديانة وبركة بنقل ما اتفق عليه الصحابة رضوان الله عليهم أو لم يختلفوا فيه من أمور الشريعة، ومن هؤلاء الإمام العلامة ابن رشد الحفيد حيث أرث لنا كتابًا قيَّد فيه ذلك وغيره من مسائل العلم والفقه وهو كتاب بداية المجتهد ونهاية المقتصد.

فأردت بما ييسر الله لي أن أقف على ما نقله هذا العالم الجليل من إجماع للصحابة واعتد به في كتابه هذا في هذا الجزء المشار إليه، وذلك على ضوء خطة يأتي بيانها.

جعلني الله وإياكم ممن وُفِّق للعلم النافع والعمل الصالح ورزقنا طاعته ومرضاته، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

أسباب اختيار الموضوع:

هناك عدد من الأسباب التي رأيت مناسبتها لاختيار هذا الموضوع، ومنها:

1-إظهار شخصية الإمام العلم ابن رشد الحفيد باعتباره علمًا من أعلام المذهب المالكي، بل يُعَدّ من أبرز فقهاء الشريعة قاطبة، كما أن التعرض لعمل من أعمال هؤلاء الأكابر يجعل الباحث على درجة من الوعي بكيفية استنباط هؤلاء العلماء للمسائل وأدلتها ومناقشتها.

2-كانت الرغبة في إظهار ما حكاه الإمام ابن رشد في كتابه بداية المجتهد ونهاية المقتصد من إجماعات للصحابة رضي الله عنهم.

3-كما أن معرفة إجماع الصحابة في مسألة معينة يجعل المسلم يقف على ما كان يفتي به هؤلاء الصحابة رضوان الله عليهم الذين صحبوا النبي صلى الله عليه وسلم وعاصروا نزول القرآن، وما كان من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، فهم أفهم بمغزى الشرع.

الدراسات السابقة:

لم أجد – فيما اطلعت عليه-مَن أفرد موضوع المسائل الفقهية التي حكى فيها ابن رشد إجماع الصحابة في كتابه بداية المجتهد (من أول الكتاب إلى آخر الوصايا) بالدراسة المستقلة، وقد تناول بعض الباحثين المسائل الفقهية التي حكى فيها ابن رشد إجماع العلماء من خلال كتابه بداية المجتهد، ومن هذه الرسائل:

– تحرير اتفاقات ابن رشد في كتابه بداية المجتهد ونهاية المقتصد من أول الكتاب إلى نهاية كتاب الاعتكاف، رسالة ماجستير، إعداد: عبد الله بن علي بن عبد الله بصفر، وإشراف الدكتور: محمود العكازي.

– إجماعات الإمام ابن رشد في كتاب الطهارة من كتابه بداية المجتهد ونهاية المقتصد (جمعًا ودراسة) لعدنان عبده سعيد ناجي، رسالة ماجستير.

إجماعات ابن رشد الحفيد، دراسة وتحقيق -قسم العبادات-من خلال كتابه بداية المجتهد ونهاية المقتصد، رسالة ماجستير، إعداد: الزبير بن فائدة، وإشراف الدكتور: كمال بوزيدي.

الإجماع عند الإمام ابن رشد في كتاب الصلاة من كتابه بداية المجتهد ونهاية المقتصد (جمعًا ودراسة) لمفيد حسان علي المخلافي، رسالة ماجستير.

– الإجماع عند الإمام ابن رشد في بداية المجتهد في كتابي الزكاة والصيام، لعبده عبد الله عبده قاسم، رسالة ماجستير.

– الإجماع عند ابن رشد في كتاب الحج من كتابه بداية المجتهد ونهاية المقتصد، بحث تكميلي لنيل درجة الماجستير، لزايد عوض يحيى الصنعاني، وإشراف الدكتور: عبد اللطيف هايل.

– المسائل الفقهية التي حكى فيها ابن رشد الإجماع في كتابه بداية المجتهد ونهاية المقتصد، جمعًا ودراسة، كتاب النكاح أنموذجًا، رسالة ماجستير، إعداد: إسماعيل بن علي، وإشراف الدكتور: عبد الكريم بوغزالة.

– مسائل الإجماع عند الإمام ابن رشد من خلال كتابه بداية المجتهد ونهاية المقتصد، كتب (الإيمان، النذور، الضحايا، الذبائح، الصيد، الأطعمة والأشربة) حميد حميد أحمد المنتصر، رسالة ماجستير.

– توثيق اتفاقات ابن رشد من كتابه بداية المجتهد ونهاية المقتصد من كتاب الحج إلى نهاية كتاب الأطعمة والأشربة، رسالة ماجستير، إعداد: هاني بن أحمد عبد الرحمن عبد الشكور، وإشراف الدكتور: عبد الله بن عطية الغامدي.

ويمكن أن ألخص ما تناولته بعض هذه الدراسات في نقطتين:

1-تناولَتْ هذه الرسائل في مجملها ما أطلق عليه ابن رشد لفظ: «اتفقوا»، أو «أجمعوا» أو «لا خلاف» وكل ما يفيد الاتفاق.

2-لم يتناول هؤلاء الباحثون ما أجمع عليه الصحابة من قريب ولا من بعيد، كما يتضح ذلك من خلال الاختلاف الوارد في بعض المسائل المشتركة بين ما قاموا بتناوله وبين ما قمت بالتعرض له في هذه الدراسة.

ومن هنا فقد رأيت أن أخصص هذه الدراسة لذكر ما نقله ابن رشد من إجماع للصحابة، والعمل على توثيق هذه النقول، للوقوف على مدى دقة ابن رشد في نقل هذه الإجماعات، وذلك من خلال الوقوف على صحة هذه النقول من كتب العلماء، كلُّ ذلك من غير التعرض للمسألة بالدراسة الفقهية، وذلك من أول الكتاب إلى آخر الوصايا.

منهجي في البحث:

وقد سرت في منهجي في هذا البحث من خلال النقاط التالية:

1-اتبعت المنهج الاستقرائي لمعرفة المواضع التي حكى فيها الإمام ابن رشد إجماع الصحابة من أول الكتاب إلى آخر الوصايا، ولم أنقل في هذا البحث إلا ما اعتدَّ به الإمام ابن رشد من المسائل التي ورد فيها إجماع الصحابة، فلم أذكر بعض المسائل التي زعم بعض العلماء أنها من قبيل إجماع الصحابة كـ:

-مسألة الوضوء بالنبيذ([4]).

– مسألة الوتر بعد الفجر([5]).

– مسألة زكاة العروض([6]).

– مسألة قتل الأسير([7]).

– مسألة طلاق السكران([8]).

– مسألة في أحكام جزاء الصيد([9]).

– مسألة في الشهادة على النكاح([10]).

2-وقمت بوضع عنوان للمسألة ثم نقلت ما قاله الإمام ابن رشد حرفيًّا إلا ما يقتضي التغيير، ثم ذكرت مِن العلماء مَن حكى إجماع الصحابة على هذه المسألة، ثم نقلت أقوال هؤلاء العلماء الذين حكوا هذا الإجماع من مواضعها، ثم ذكرت مستند هذا الإجماع.

3-حرصت على سهولة العرض، وتوضيح الأسلوب، وقمت بشرح الكلمات التي تحتاج إلى شرح من مظانها من المعاجم اللغوية.

4-قمت بعزو الآيات القرآنية لمكانها من المصحف بذكر اسم السورة ورقم الآية.

5-عزوت الأحاديث النبوية إلى مظانها من كتب السنة، فما كان في صحيح البخاري ومسلم أو أحدهما اكتفيت بذكر ذلك، وما كان في غيرهما عزوته إلى موضعه من كتب السنة الأخرى، وقمت بالحكم على الأحاديث في غير البخاري ومسلم معتمدًا على تحقيقات أهل العلم قديمًا وحديثًا في الحكم على الأحاديث التي أوردتها في البحث.

6-عزوت الآثار الواردة في البحث إلى مصادرها الأصلية.

7-عزوت أقوال الفقهاء التي ذُكِرَت في البحث إلى مواضعها من مؤلفاتهم الفقهية.

8-كتبت خاتمة للبحث تضمنت أهم النتائج التي توصلت إليها في هذا البحث وبعض التوصيات.

9-وعقبت ذلك كله بفهرس للمصادر والمراجع التي اعتمدت عليها بحسب الترتيب الهجائي.

المبحث الأول: التعريف بالإمام ابن رشد وكتابه بداية المجتهد ونهاية المقتصد

المطلب الأول: التعريف بالإمام ابن رشد

نسبه ومولده:

هو أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن أحمد بن رشد القرطبي الأندلسي، الإمام الأوحد، فيلسوف الأندلس، أبوه شيخ المالكية([11])، فكانت نشأته في أسرة أندلسية تُذكر بالعلم، وتتمتع بالعراقة والوجاهة، فكان لهذه الأسرة قدم في الفقه والقضاء، فأبوه من علماء قرطبة وقضاتها.

ولد ابن رشد بقرطبة قبل موت جده بشهر، سنة عشرين وخمسمائة([12])ولُقِّب بالحفيد.

مكانته العلمية:

برع ابن رشد في الفقه، والطب، فأخذ الطب عن أبي مروان بن حزبول، وصار يُضرب به المثل في علوم الأوائل وبلاياهم([13])، ولم يكن بالأندلس مثله كمالًا وعلمًا وفضلًا، وكان متواضعًا، لم يترك الاشتغال بالعلم إلا ليلتين؛ ليلة مات أبوه، وليلة عرسه، سَوَّد فيما ألَّف نحو عشرة آلاف ورقة، وإليه المرجع في فتيا الطب كما كان إليه المرجع في فتيا الفقه، مع علم وافر بالعربية حيث كان يحفظ ديواني أبي تمام والمتنبي([14]).

وولي قضاء قرطبة وحمدت سيرته([15]).

شيوخه وتلاميذه:

تلقَّى ابن رشد الفقه على والده؛ حيث استظهر عليه الموطأ حفظًا، وكان من شيوخه أيضًا: أبو القاسم خلف بن عبد الملك بن بشكوال الغرناطي الذي تتلمذ على يد ابن رشد الجد، وأبو عبد الله محمد بن علي بن عمر المازري المالكي صاحب كتاب المعلم بفوائد مسلم، وأبو بكر سليمان بن سمجون الأنصاري، أخذ عنه ابن رشد العربية، وأبو مروان بن مسرة، وأبو جعفر بن عبد العزيز، وأبو مروان عبد الملك بن محمد البلنسي المعروف بابن جريول، وأخذ ابن رشد عنه الطب([16]).

أما تلاميذه فقد كانوا ينتقلون خلفه حيث انتقل، والملاحظ أن عددهم ليس بالكثير، ولعلَّ ذلك يرجع إلى ما حدث له من مِحَن بسبب تعلقه بالفلسفة وعلوم أرسطو، فسمع منه أبو محمد بن حوط الله، وأبو الحسن سهل بن مالك، وأبو الربيع بن سالم، وأبو بكر بن جهور، وأبو القاسم بن الطيلسان وغيرهم([17]).

مصنفاته:

للإمام ابن رشد مؤلفات عديدة، منها: بداية المجتهد ونهاية المقتصد الذي نحن بصدد الحديث عنه في هذا البحث، والكليات في الطب، وكتاب الضروري في الأصول (مختصر المستصفى)، وله كتاب في العربية بعنوان الضروري، وشرح كتاب الحيوان لأرسطوطاليس([18])،وشرح أرجوزة ابن سينا في الطب، وجوامع كتب أرسطوطاليس، وشرح كتاب النفس، وله كتاب في المنطق، وله كتاب تلخيص الإلهيات لنيقولاوس، وكتاب تلخيص ما بعد الطبيعة لأرسطو، ولخص كتاب المزاج لجالينيوس، وكتاب القوى، وكتاب العلل، وكتاب التعريف، وكتاب الحميات، وكتاب حيلة البرء، وله كتاب تهافت التهافت رد فيه على الغزالي في كتابه تهافت الفلاسفة، وكتاب مناهج الأدلة في الأصول، وكتاب فصل المقال فيما بين الشريعة والحكمة من الاتصال، وكتاب شرح القياس لأرسطو، وغير ذلك([19]).

وفاته:

توفي بمراكش سنة خمس وتسعين وخمسمائة([20]).

المطلب الثاني: التعريف بكتاب بداية المجتهد ونهاية المقتصد:

في هذا المطلب أتناول التعريف بكتاب بداية المجتهد ونهاية المقتصد من حيث عدة جوانب:

أسماء الكتاب المتعددة والغرض من تأليفه:

تعددت أسماء كتاب بداية المجتهد، فقال ابن رشد في البداية: «بيد أن في قوة هذا الكتاب أن يبلغ به الإنسان كما قلنا رتبة الاجتهاد إذا تقدم، فعلم من اللغة العربية وعلم من أصول الفقه ما يكفيه في ذلك، ولذلك رأينا أن أخص الأسماء بهذا الكتاب أن نسميه كتاب بداية المجتهد وكفاية المقتصد»([21]). فهذه هي تسمية المؤلف: «بداية المجتهد وكفاية المقتصد».

وقال المراكشي عن ابن رشد: وكان متقدمًا في علوم الفلسفة والطب، منسوبًا إلى البراعة فيها، وإدامة الفكر، وتدقيق النظر في معانيها، ذا حظ وافر من علوم اللسان العربي، كثير الإنشاد لشواهد شِعْرَي حبيب والمتنبي، والإيراد للحكايات والأخبار؛ تنشيطًا لطلبة العلم بمجلسه؛ واستقضي بإشبيلية ثم بقرطبة فنظر حينئذ في الفقه، وصنَّف فيه كتابه المسمى: بداية المجتهد وكفاية المقتصد»([22]). فهنا ورد ذكره أيضًا باسم: بداية المجتهد وكفاية المقتصد كما سماه ابن رشد.

أما أصحاب التراجم فقد ذكروا اسم هذا الكتاب بعنوان: بداية المجتهد ونهاية المقتصد، وبعضهم ذكر التسميتان([23]).

أما الغرض من تأليف هذا الكتاب، فيقول ابن رشد: فإن غرضي في هذا الكتاب أن أُثبِتُ فيه لنفسي على جهة التذكرة من مسائل الأحكام المتفق عليها والمختلف فيها بأدلتها، والتنبيه على نكت الخلاف فيها، ما يجري مجرى الأصول والقواعد لما عسى أن يَرِد على المجتهد من المسائل المسكوت عنها في الشرع، وهذه المسائل في الأكثر هي المسائل المنطوق بها في الشرع، أو تتعلق بالمنطوق به تعلقًا قريبًا، وهي المسائل التي وقع الاتفاق عليها، أو اشتهر الخلاف فيها بين الفقهاء الإسلاميين من لدن الصحابة – رضي الله عنهم – إلى أن فشا التقليد([24]).

المنهج الذي سار عليه ابن رشد في هذا الكتاب:

يتناول ابن رشد المسائل مبتدئًا بذكر ما اتُّفِقَ عليه، بذكر ألفاظ من مثل: «اتفق العلماء» أو «اتفق الجمهور» أو «وأكثر علماء الأمصار اتفقوا» إلى غير ذلك، ثم يذكر ما اختُلِفَ فيه حتى ولو كان الاختلاف بين أصحاب المذهب الواحد، فيذكر الآراء المختلفة، ويستدل لكل مسألة بالأدلة من الكتاب أو السنة أو الإجماع أو القياس.

ويناقش الأقوال الشاذة والتي لم يقم عليها دليل أو تقوم على دليل واهٍ، ويقوم بردها بعد تفنيدها، وعمدته في كل هذا الدليل الصحيح، حتى لو أدى ذلك إلى مخالفة المذهب المالكي.

وتظهر شخصية ابن رشد في كتابه بوضوح، حيث يذكر الأقوال ثم يقوم بالترجيح بينها، أو قد يذكر رأيًا له في المسألة، وكثيرًا ما يقول: قال القاضي؛ ويعني نفسه.

استخدم ابن رشد المصطلحات كثيرًا، ونبه عن مقصوده، من مثل قوله: «ومتى قلت: ثابت، فإنما أعني به ما أخرجه البخاري أو مسلم، أو ما اجتمعا عليه»([25])، كما استخدم مصطلح «الخلفاء الأربعة»، و»الكوفيون» وغير ذلك.

كما اهتم ابن رشد في كتابه بعزو الأحاديث التي يذكرها إلى كتب السنة، كما كان يذكر أحيانًا الحكم على بعض الأحاديث.

الكتب التي اعتمد عليها ابن رشد في هذا الكتاب:

اعتمد ابن رشد على كتب العلماء من قبله كغيره من الفقهاء، فكان مما اعتمد عليه: كتاب الاستذكار لابن عبد البر([26]) حيث اعتمد ابن رشد عليه في ذكر مذاهب العلماء، وذكر ذلك في البداية فقال: «وأكثر ما عوَّلت فيما نقلته من نسبة هذه المذاهب إلى أربابها هو كتاب الاستذكار، وأنا قد أبحت لمن وقع من ذلك على وهم لي أن يصلحه، والله المعين والموفق»([27])، وكتاب المدونة للإمام مالك، وكتاب المنتقى شرح الموطأ للباجي، ومعالم السنن للخطابي، وكتاب الأموال لأبي عبيد، وكتاب المقدمات الممهدات لجده ابن رشد، وكتاب العتبية لمحمد بن أحمد العتبي القرطبي، كما اعتمد على الصحيحين والسنن الأربعة، ومصنفي عبد الرزاق وابن أبي شيبة وغير ذلك.

ما امتاز به كتاب البداية وما أخذ عليه:

قد لاقى كتاب بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد القبول لدى العلماء؛ سواء الموافق أو المخالف، وذلك لما امتاز به هذا الكتاب من أمور يختص بها عن غيره من كتب الفقه الإسلامي.

فإن هذا الكتاب قد كُتِب له أن يُتِمَّه صاحبه، فهو مكتمل في أبوابه، لا ينقصه أي باب من أبواب الفقه، كما أن الإمام ابن رشد قد رتبه على طريقة الكتب المؤلفة في الفقه، ووجدت النسخ الخطية لهذا الكتاب، فتناولها الباحثون بالتحقيق والدراسة ليخرج هذا الكتاب ليضاف إلي غيره من كتب الفقه، بل يضاف إلى غيره من كتب الفقه المقارن، فلم يقتصر ابن رشد فيه على ذكر المذهب المالكي فقط، بل تناول المذاهب الأخرى، كما أنه يورد أقوالًا للأئمة غير المذاهب الأربعة، كما يذكر آراء أتباع أئمة المذاهب، فهو كتاب يُرجَع إليه في معرفة مذاهب العلماء، كل ذلك مع عدم إطالة مملة، بأسلوب رائع مستوعب لكل أبواب الفقه.

وقد أفنى ابن رشد عمره في تأليف هذا الكتاب، يقول ابن رشد: «وكان الفراغ منه يوم الأربعاء التاسع من جمادى الأولى الذي هو عام أربعة وثمانين وخمسمائة، وهو جزء من كتاب المجتهد الذي وضعته منذ أزيد من عشرين عامًا أو نحوها، والحمد لله رب العالمين»([28]).

ومن الأمور التي أخذت على ابن رشد في هذا الكتاب أنه لم ينقل كثيرًا عن الحنابلة، ولعل ذلك يرجع إلى أن انتشار كتب المالكية في الأندلس؛ حال دون انتشار كتب الحنابلة هناك، كما أنه وكما قيل إن ابن رشد في كتاب بداية المجتهد قد اعتمد على كتاب الاستذكار لابن عبد البر اعتمادًا كبيرًا في نقل مذاهب العلماء، ولم ينقل هذا الأخير عن الإمام أحمد كثيرًا فجاء كتاب البداية على نحو ما في الاستذكار من حيث ذكر المذاهب. 

المطلب الثالث: معنى الإجماع لغة واصطلاحًا وحجية إجماع الصحابة

الإجماع في اللغة:

الجيم والميم والعين أصل واحد، يدل على تضامِّ الشيء، ويُقال: جمعتُ الشيء جمعًا([29]).

والإجماع: أن تجعل المتفرق جميعًا، فإذا جعلته جميعًا بقي جميعًا، ولم يكد يتفرَّق، كالرأي المعزوم عليه الممضى([30]).

والإجماع هو الاتفاق، وقد يطلق بإزاء تصميم العزم، يقال: أجمع فلان رأيه على كذا؛ أي: عزم على كذا([31]).

ومما سبق يتبين أن الإجماع يدل على معنيين: هما العزم والاتفاق، وهذا الأخير الذي هو الاتفاق هو الأقرب إلى المعنى الاصطلاحي كما سيتبين.

الإجماع في الاصطلاح:

هو اتفاق علماء العصر من أمة محمد صلى الله عليه وسلم على أمر من أمور الدين.ووجوده متصور، وهو حجة([32]).

وقد عرَّف الإجماع كثير من العلماء، إلا أن التعريف الأكمل والأوجه في نظري هو تعريف ابن اللحام حيث قال: الإجماع هو اتفاق مجتهدي عصر من هذه الأمة بعد وفاة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم على أمر ديني. وهو حجة قاطعة عند الأكثر([33]). فيعتبر تعريفًا جامعًا مانعًا.

حجية إجماع الصحابة:

 قال ابن حزم: واعلموا أن جميع هذه الفرق متفقة على أن إجماع الصحابة رضي الله عنهم إجماع صحيح([34]).

فإجماع الصحابة حجة بلا خلاف بين القائلين بحجية الإجماع، وهم أحق الناس بذلك([35]).

وقد آثرت عدم الإسهاب في تعريفات العلماء للإجماع وما يتعلق به من مسائل، وذلك لأن هذا البحث يفترض أن يكون مقدمًا للمتخصصين.

المبحث الثاني: المسائل التي اشتملت على إجماع الصحابة

المطلب الأول: في سجود القرآن:

يقول ابن رشد رحمه الله: «ثبت أن عمر بن الخطاب قرأ السجدة يوم الجمعة، فنزل وسجد، وسجد الناس معه، فلما كان يوم الجمعة الثانية وقرأها، تهيَّأ الناس للسجود، فقال: على رسلكم([36])، إن الله لم يكتبها علينا إلا أن نشاء([37])، قالوا: وهذه بمحضر الصحابة، فلم يُنقل عن أحد منهم خلاف، وهم أفهم بمغزى الشرع) ([38]).

وممن نقل هذا الإجماع: ابن عبد البر([39])، وابن قدامة([40])، والنووي([41])، وابن حزم([42])، والقاضي عبد الوهاب([43])، والعمراني([44])، والباجي([45])، وابن العربي([46])، والقرطبي([47])، والعيني([48])، والزرقاني([49])، والشوكاني([50])، وزكريا الأنصاري([51])، والجمل([52])، والرملي([53])، وابن حجر الهيتمي([54])، والبهوتي([55])، والرحيباني([56])، والمباركفوري([57]).

قال ابن عبد البر: «هذا عمر وابن عمر([58]) ولا مخالف لهما من الصحابة، فلا وجه لقول من أوجب سجود التلاوة فرضًا؛ لأن الله لم يوجبه ولا رسوله، ولا اتفق العلماء على وجوبه، والفرائض لا تثبت إلا من الوجوه التي ذكرنا أو ما كان في معناها، وبالله توفيقنا»([59]).

وقال ابن قدامة: «ولأنه إجماع الصحابة … وعن عمر قال: على رسلكم، إن الله لم يكتبها علينا إلا أن نشاء فقرأها ولم يسجد، ومنعهم أن يسجدوا، وهذا بحضرة الجمع الكثير، فلم ينكره أحد، ولا نُقِلَ خلافه» ([60]).

وقال النووي: «وهذا الفعل والقول من عمر رضي الله عنه في هذا الموطن والمجمع العظيم؛ دليل ظاهر في إجماعهم على أنه ليس بواجب، ولأن الأصل عدم الوجوب حتى يثبت صحيح صريح في الأمر به، ولا معارض له» ([61]).

وقال ابن حزم: «أفيكون أعجب من هذا أو أدخل في الباطل منه؟! أن يكون كلام عمر مع عثمان في الخطبة بما لا يجدونه فيه من إسقاط فرض غسل الجمعة حجة عندهم، ثم لا يُبالون مخالفة عمر في عمله، وقوله بحضرة الصحابة -رضي الله عنهم-أن السجود ليس مكتوبًا علينا عند قراءة السجدة» ([62]).

وقال القاضي عبد الوهاب: «سجود التلاوة مستحب غير واجب، لا على القارئ ولا على المستمع، خلافًا لأبي حنيفة([63])؛ لأنه إجماع الصحابة» ([64]).

وقال العمراني: «ورويأن عمر رضي الله عنه قرأ على المنبر سورة فيها سجدة، فنزل وسجد، وسجد الناس معه، فلما كان في الجمعة الثانية قرأها، فتهيأ الناس للسجود، فقال:أيها الناس على رسلكم، إن الله لم يكتبها علينا إلا أن نشاء، وهذا بمجمع من الصحابة، ولم ينكر ذلك عليه أحد، فدلَّ على أنه إجماع»([65]).

وقال الباجي: «فعل عمر بن الخطاب ولم ينكر عليه أحد من الحاضرين مع كثرة عددهم… وقوله: على رسلكم، إن الله لم يكتبها علينا إلا أن نشاء بيان أن سجود التلاوة غير واجب، وقد وافقه على ذلك الصحابة حين تركوا الإنكار عليه، وإجماعهم معه على ذلك دليل على ما ذكرناه» ([66]).

وقال ابن العربي: «وعوَّل علماؤنا على حديث عمر الثابت أن عمر قرأ سجدة وهو على المنبر، فنزل فسجد وسجد الناس معه، ثم قرأ بها في الجمعة الأخرى، فتهيأ الناس للسجود، فقال: على رسلكم، إن الله لم يكتبها علينا إلا أن نشاء. وذلك بحضرة الصحابة أجمعين من المهاجرين والأنصار، فلم ينكر ذلك عليه أحد، فثبت الإجماع به في ذلك؛ ولهذا حملنا جميع قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله على الندب والترغيب» ([67]).

وقال القرطبي: «وعوَّل علماؤنا على حديث عمر الثابتأنه قرأ آية سجدة على المنبرفنزل فسجد وسجد الناس معه، ثم قرأها في الجمعة الأخرى، فتهيأ الناس للسجود، فقال:أيها الناس على رسلكم! إن الله لم يكتبها علينا إلا أن نشاء. وذلك بمحضر الصحابة رضي الله عنهم أجمعين من الأنصار والمهاجرين. فلم ينكر عليه أحد فثبت الإجماع به في ذلك» ([68]).

وقال العيني: «فقال عمر: على رسلكم، إن الله لم يكتبها علينا إلا أن نشاء، وقرأها ولم يسجد ومنعهم. قال صاحب التوضيح([69]): ترك عمر رضي الله تعالى عنه مع من حضر السجود ومنعه لهم؛ دليل على عدم الوجوب، ولا إنكار ولا مخالف، ولا يجوز أن يكون عند بعضهم أنه واجب ويسكت عن الإنكار على غيره» ([70]).

وقال الزرقاني: «ثم قرأها يوم الجمعة الأخرى … فلم يسجد ومنعهم أن يسجدوا، وفي عدم إنكار أحد من الصحابة عليه ذلك دليل على أنه ليس بواجب، وأنه إجماع، ولعل عمر فعل ذلك تعليمًا للناس، وخاف أن يكون في ذلك خلاف فبادر إلى حسمه. قاله ابن عبد البر» ([71]).

وقال الشوكاني: «إن تصريحه بعدم الفرضية وبعدم الإثم على التارك في مثل هذا الجمع من دون صدور إنكار؛ يدل على إجماع الصحابة على ذلك» ([72]).

وقال زكريا الأنصاري: «وهذا من عمر -رضي الله عنه-في هذا الموطن العظيم مع سكوت الصحابة رضي الله عنهم دليل إجماعهم» ([73]).

وقال الجمل: «وصح عن ابن عمر -رضي الله عنه-التصريح بعدم وجوبها على المنبر، وهذا منه في هذا الموطن العظيم مع سكوت الصحابة دليل إجماعهم»([74]). وكذلك قال الرملي([75]).

وقال ابن حجر الهيتمي: «التصريح بعدم وجوبها على المنبر؛ أي: وهذا منه في هذا الموطن العظيم مع سكوت الصحابة دليل إجماعهم»([76]).

وقال البهوتي: «وقال فيه: إن الله لم يفرض علينا السجود، إلا أن نشاء، ولم يسجد، ومنعهم أن يسجدوا. وكان بمحضر من الصحابة ولم يُنكر، فكان إجماعًا، والأوامر به محمولة على الندب»([77])، وكذلك قال الرحيباني([78]).

وقال المباركفوري: «ولما سكت الصحابة الحاضرون في خطبة عمر عن قوله: ومن لم يسجد فلا إثم عليه، ولا نكروا على منعهم من السجدة. ويدل على كون الأمر للندب أيضًا ما قاله ابن رشد: اتبع مالك([79]) والشافعي([80]) في مفهوم الأوامر الصحابة، إذ كانوا هم أقعد بفهم الأوامر الشرعية، وذلك كما ثبت عن عمر بن الخطاب بمحضر الصحابة، فلم ينقل عن أحد منهم خلافه، وهم أفهم بمغزى الشرع»([81]).

مستند هذا الإجماع:

– عن زيد بن ثابت، قال: «قرأت على النبي صلى الله عليه وسلم والنجم فلم يسجد فيها»([82]).

المطلب الثاني: استعباد أهل الكتاب:

قال ابن رشد رحمه الله: «والسبب الذي نزلت فيه من أسارى بدر يدل على أن القتل أفضل من الاستعباد، وأما هو -عليه الصلاة والسلام-فقد قتل الأسارى في غير ما موطن، وقد مَنَّ واستعبد النساء، وقد حكى أبو عبيد أنه لم يستعبد أحرار ذكور العرب([83])، وأجمعت الصحابة بعده على استعباد أهل الكتاب ذكرانهم وإناثهم»([84]).

لم أر من نقل إجماع الصحابة في هذه المسألة فيما اطلعت عليه من مراجع إلا ابن نور الدين([85]).

قال ابن نور الدين: «وأجمعت الصحابة -رضي الله تعالى عنهم-على استعباد أهل الكتاب؛ ذكورهم وإناثهم»([86]).

المطلب الثالث: متى يلزم البيع:

قال ابن رشد رحمه الله: «البيع لازم بالافتراق من المجلس، وأنهما مهما لم يفترقا، فليس يلزم البيع ولا ينعقد … وهو مروي عن ابن عمر([87])، وأبي برزة الأسلمي([88]) من الصحابة، ولا مخالف لهما من الصحابة»([89]).

وممن نقل هذا الإجماع: ابن عبد البر([90])، وإسحاق الكوسج([91])، والقرطبي([92])، وابن حزم([93])، وابن حجر العسقلاني([94])، وابن أبي العز([95])، والعظيم آبادي([96])، والشوكاني([97])، والمباركفوري([98])، والقنوجي([99]).

قال ابن عبد البر: «عن ابن عمر أنه كان إذا اشترى السلعة فأراد ألا يقيل صاحبه مشى شيئًا قليلًا، ثم رجع، وعن أبي برزة الأسلمي في رجل اشترى فرسًا من رجل، ثم أقام بقية يومهما وليلتهما لم يفترقا، وندم أحدهما فلم يرد الآخر إقالته، فاختصما إلى أبي برزة، فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «البيعان بالخيار ما لم يفترقا»([100]) وما أراكما افترقتما، … ولا أعلم أحدًا خالفهما من الصحابة فيما ذهبا إليه من ذلك» ([101]).

وقال إسحاق الكوسج: «وفيه دليل على إثبات خيار المجلس، وأن ابن عمر حمله على التفرق بالأبدان، وكذلك أبو برزة الأسلمي، ولا يُعرف لهما مخالف من الصحابة»([102]).

وقال القرطبي: «فهذان صحابيان قد علما مخرج الحديث وعملا بمقتضاه، بل هذا كان عمل الصحابة، قال سالم: قال ابن عمر: كنا إذا تبايعنا كان كل واحد منا بالخيار ما لم يفرق المتبايعان»([103]).

وقال ابن حزم: «فهذا ابن عمر يخبر بأن هذا مذهب الصحابة وعملهم، ومذهب عثمان بن عفان([104])؛ لأنه خشي أن يراده البيع قبل التفرق بالأبدان، فلو لم يكن ذلك مذهب عثمان ما خاف ابن عمر ذلك منه ويخبر بأن ذلك هو السنة…. ولا يُعرف لمن ذكرنا منهم مخالف أصلًا»([105])، وقال أيضًا: «التفرق بالأبدان الموجب للبيع، المانع من فسخه ولابد، ولا يمكن غير هذا… وهذا مما خالفوا فيه طائفة من الصحابة لا يُعرف لهم منهم مخالف» ([106]).

وقال ابن حجر العسقلاني: «إن ابن عمر حمله على التفرق بالأبدان، وكذلك أبو برزة الأسلمي، ولا يُعرف لهما مخالف من الصحابة»([107]).

وقال ابن أبي العز: «فإن ابن عمر رضي الله عنهما كان إذا بايع رجلًا مشى خطوات، وفسَّره أبو برزة الأسلمي رضي الله عنه بالتفرق بالأبدان … ولم ينقل عن أحد منهم خلاف ذلك»([108]).

وقال العظيم آبادي: «قال الحافظ ابن حجر: فأبو برزة الصحابي حمل قوله صلى الله عليه وسلم: «ما لم يتفرقا» على التفرق بالأبدان، وكذلك حمله ابن عمر عليه، ولا يُعلم لهما مخالف من الصحابة»([109]).

وقال الشوكاني: «وأما كون الخيار في المجلس ثابتًا مالم يفترقا فلحديث: «البيعان بالخيار مالم يفترقا»([110])… وقد ذهب إلى إثبات خيار المجلس جماعة من الصحابة… وبالغ ابن حزم فقال: لا يعرف لهم مخالف من التابعين إلا النخعي([111]) وحده»([112])، وكذلك قال القنوجي([113]).

وقال في نيل الأوطار: «فابن عمر حمله على التفريق بالأبدان كما في الرواية المذكورة عنه في الباب، وكذلك حمله أبو برزة الأسلمي، قال صاحب الفتح([114]): ولا يعلم لهما مخالف من الصحابة» ([115]).

وقال المباركفوري: «الفرقة بالأبدان لا بالكلام، وبه قال ابن عمر وأبو برزة الأسلمي. قال الحافظ في الفتح([116]): ولا يعرف لهما مخالف من الصحابة انتهى»([117]).

مستند هذا الإجماع:

– عن حكيم بن حزام رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «البيعان بالخيار ما لم يتفرقا – أو قال: حتى يتفرقا – فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما» ([118]).

– وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «المتبايعان كل واحد منهما بالخيار على صاحبه ما لم يتفرقا، إلا بيع الخيار»([119])

المطلب الرابع: فيما يصاب من أعضاء الحيوان:

قال ابن رشد رحمه الله: «من مسائل هذا الباب المشهورة اختلافهم فيما يصاب من أعضاء الحيوان، فروي عن عمر بن الخطاب أنه قضى في عين الدابة بربع ثمنها، وكتب إلى شريح فأمره بذلك([120])… إذا قال الصاحب قولًا ولا مخالف له من الصحابة -وقوله مع هذا مخالف للقياس-وجب العمل به؛ لأنه يعلم أنه إنما صار إلى القول به من جهة التوقيف»([121]).

وممن نقل هذا الإجماع: ابن عبد البر([122])، وابن قدامة([123])،وأبو جعفر الطحاوي([124])، وعبد الرحمن المقدسي([125])، وأبو البركات ابن المنجي([126])، وابن مفلح([127]).

وقال ابن عبد البر: «وقال الطحاوي([128]): القياس عند أصحابنا إيجاب النقصان إلا من تركوا القياس بما روي عن عمر بن الخطاب أنه قضى في عين الدابة بربع قيمتها بمحضر من الصحابة من غير خلاف منهم، ولأن غيره لا يكون رأيًا، وإنما هو توقيف»([129]).

وقال ابن قدامة: «واحتج أصحابنا لهذه الرواية، بما روى زيد بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في عين الدابة بربع قيمتها([130])، وروي عن عمر رضي الله عنه أنه كتب إلى شريح لما كتب إليه يسأله عن عين الدابة: إنا كنا ننزلها منزلة الآدمي، إلا أنه أجمع رأينا أن قيمتها ربع الثمن. وهذا إجماع يُقدم على القياس» ([131]). وكذلك قال عبد الرحمن المقدسي([132]).

وقال أبو جعفر الطحاوي: «القياس عند أصحابنا إيجاب النقصان، ولكنهم تركوا القياس لما روي عن عمر بن الخطاب أنه قضى في عين الدابة بربع قيمتها بمحضر الصحابة من غير مخالف له منهم، ولأن مثله لا يُقال قياسًا فهو إذن توقيف» ([133]).

وقال أبو البركات ابن المنجي: «وأما كون الدابة من الخيل والبغال والحمير يضمن عينها بربع قيمتها على روايةٍ؛ فلما روى زيد بن ثابت «أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في عين الدابة بربع قيمتها» وروي عن عمر رضي الله عنه «أنه كتب إلى شُريح لما كتب إليه يسأله عن عين الدابة: إنا كنا ننزلها منزلة الآدمي، إلا أنه أجمع رأيُنا أن قيمتها ربع الثمن» ([134]).

وقال ابن مفلح: «روى زيد بن ثابت أن النبي -صلى الله عليه وسلم-قضى في عين الدابة بربع قيمتها»، وعن عمر أنه كتب إلى شريح لما كتب يسأله عن عين الدابة: إنا كنا ننزلها منزلة الآدمي، إلا أنه أجمع رأينا أن قيمتها ربع الثمن، وهذا إجماع فقدم على القياس»([135]).

مستند هذا الإجماع:

– عن زيد بن ثابت: «لم يقض رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ثلاث قضيات في الآمة([136]) والمنقلة([137]) والموضحة([138])، في الآمة ثلاثًا وثلاثين، وفي المنقلة خمس عشرة، وفي الموضحة خمسًا، وقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في عين الدابة ربع ثمنها([139]).

المطلب الخامس: قبض الهبة قبل الموت:

قال ابن رشد رحمه الله: «وعمدة من اشترط القبض أن ذلك مروي عن أبي بكر -رضي الله عنه -في حديث هبته لعائشة([140])، وهو نص في اشتراط القبض في صحة الهبة، وما روى مالك([141]) عن عمر أيضًا أنه قال: ما بال رجال ينحلون أبناءهم نحلًا ثم يمسكونها، فإن مات ابن أحدهم قال: مالي بيدي لم أعطه أحدًا، وإن مات قال: هو لابني، قد كنت أعطيته إياه، فمن نحل نحلة فلم يجزها الذي نحلها للمنحول له وأبقاها حتى تكون إن مات لورثته فهي باطلة، وهو قول علي([142])، قالوا: وهو إجماع من الصحابة؛ لأنه لم ينقل عنهم في ذلك خلاف»([143]).

وممن نقل هذا الإجماع: أبو الوليد ابن رشد الجد([144])، وابن قدامة([145])، والجصاص([146])، والطحاوي([147])، والروياني([148])، وعبد الرحمن المقدسي([149])، وبهاء الدين المقدسي([150])، وابن مفلح([151])، والعيني([152])، والكاساني([153])، وابن حجر الهيتمي([154])، وأبو البقاء([155])، والرملي([156])، والبهوتي([157]).

قال أبو الوليد ابن رشد الجد «واتفاق الخلفاء على وجوب الحيازة حجة؛ لقول رسول الله –صلى الله عليه وسلم: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ»([158]). وقد ادعى أصحابنا أن ذلك إجماع من الصحابة؛ لأن ذلك مروي أيضًا عن أنس بن مالك وغيره([159])، ولا مخالف لهم من الصحابة، وذلك صحيح بيِّن من حديث عمر بن الخطاب –رضي الله عنه -لأنه قال بمحضر الصحابة: ما بال رجال ينحلون أبناءهم نحلًا … فلم ينكر عليه أحد منهم قوله، ولا خالفه فيه، بل سكت الكل منهم وسلَّم، فدلَّ على موافقتهم له على مذهبه» ([160]).

وقال ابن قدامة: «ولنا إجماع الصحابة رضي الله عنهم فإن ما قلناه مروي عن أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما، ولم يُعرف لهما في الصحابة مخالف…» ([161]).

وقال الجصاص: «ولا تجوز الهبة في الأعيان إلا مقبوضة … ويدل عليه قول أبى بكر الصديق في مرضه لعائشة رضي الله عنهما: إني كنت نحلتك جداد عشرين وسقًا من مالي بالعالية، وإنك لم تكوني حزتيه، ولا قبضتيه، وإنما هو مال الوارث، وإنما هما أخواك وأختاك. فقالت عائشة: وإنما هي أسماء. فقال: ألقي في روعي أن ذا بطن بنت خارجة جارية، لامرأة له كانت حاملًا. فقال ذلك بحضرة من الصحابة، من غير نكير من أحد منهم عليه، فدل على موافقتهم إياه» ([162]).

وقال الطحاوي: «فأخبر أبو بكر الصديق -رضي الله عنه -أنها لو قبضت ذلك في الصحة تم لها ملكه، وأنها لا تستطيع قبضه في المرض قبضًا تتم لها به ملكه، وجعل ذلك غير جائز، كما لا تجوز الوصية لها، ولم تنكر ذلك عائشة -رضي الله عنها -ولا سائر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فدل ذلك أن مذهبهم جميعًا فيه كان مثل مذهبه. فلو لم يكن لمن ذهب إلى ما ذكرنا من الحجة، لقولهم الذي ذهبوا إليه، إلا ما في هذا الحديث، وما ترك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الإنكار في ذلك على أبي بكر؛ لكان فيه أعظم الحجة» ([163]).

وقال الروياني: «إن الهبة لا تتم إلا بالقبض، [وروي ذلك عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما]، ولا مخالف لهما في الصحابة» ([164]). وكذلك قال الماوردي([165]).

وقال عبد الرحمن المقدسي «فلا تلزم الهبة فيه إلا بالقبض … ولنا إجماع الصحابة رضي الله عنهم، فإنه مروي عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، ولم نعرف لهما في الصحابة مخالفًا» ([166]).

وقال بهاء الدين المقدسي: «وتلزم بالقبض وهو إجماع الصحابة؛ لأن ذلك روي عن أبي بكر وعمر، ولم يُعرف لهم مخالف»([167]).

وقال ابن مفلح: «وتلزم بالقبض بإذن واهب بلا شبهة؛ لما روى مالك([168]) عن عائشة أن أبا بكر نحلها جداد عشرين وسقًا من ماله بالعالية، فلما مرض قال: يا بنية، كنت نحلتك جداد عشرين وسقًا، ولو كنت جددتيه واحتزتيه كان لك، فإنما هو اليوم مال وارث، فاقتسموه على كتاب الله تعالى، وروى ابن عيينة عن عمر نحوه، ولم نعرف لهما في الصحابة مخالفًا» ([169]). وكذلك قال البهوتي([170])

وقال العيني: «لولا حكم الصديق بين ظهراني الصحابة، وهم متوافرون فيما وهبه لابنته جداد عشرين وسقًا من ماله بالغابة، ولم تكن قبضتها، وقال لها: لو كنت حزتيه كان ذلك، وإنما هو اليوم مال وارث، ولم يرو عن أحد من الصحابة أنه أنكر قوله ذلك، ولا رد عليه»([171]).

وقال الكاساني: «ولنا إجماع الصحابة رضي الله عنهم وهو ما روينا أن سيدنا أبا بكر وسيدنا عمر -رضي الله عنهما اعتبرا القسمة والقبض لجواز النحلى بحضرة الصحابة، ولم ينقل أنه أنكر عليهما منكر فيكون إجماعًا، وروي عن سيدنا أبي بكر وسيدنا عمر وسيدنا عثمان وسيدنا علي وابن عباس رضي الله عنهم أنهم قالوا: لا تجوز الهبة إلا مقبوضة محوزة، ولم يرد عن غيرهم خلافه» ([172]).

وقال ابن حجر الهيتمي: «وقال به؛ أي: باشتراط القبض في الهبة بالمعنى العام؛ كثيرون من الصحابة إلخ؛ أي: فهو إجماع سكوتي»([173]).

وقال أبو البقاء: «فلو كانت الهبة تملك قبل القبض لم يكن لقوله([174]): وددت أنك لو حزتيه؛ معنى، وقال بهذا سبعة من الصحابة: أبو بكر وعمر وعثمان وابن عباس وابن عمر ومعاذ وعائشة، ولا مخالف لهم»([175]).

وقال الرملي: «والأوجه اعتبار ذلك في الهدية إلخ … للخبر الصحيح… وقال به كثير من الصحابة إلخ؛ أي: فهو إجماع سكوتي»([176]).

مستند هذا الإجماع:

– عن عبد الله بن الشخير قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ: ألهاكم التكاثر، قال: «يقول ابن آدم: مالي، مالي، قال: وهل لك، يا ابن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت» ([177]).

– عن النبي -صلى الله عليه وسلم -: «لا تجوز الهبة إلا مقبوضة»([178]).

خاتمة:

لقد توصلت من خلال هذا البحث إلى النتائج التالية:

– غزارة علم الإمام ابن رشد وسعة اطلاعه وبدا ذلك واضحًا من خلال استقراء كتابه بداية المجتهد ونهاية المقتصد.

– تبينت أهمية كتاب بداية المجتهد ونهاية المقتصد في معرفة مذاهب العلماء وآرائهم الفقهية.

– دقة نقل الإمام ابن رشد لإجماع الصحابة، فأغلب ما اعتدَّ به ابن رشد في هذا الكتاب من إجماعات للصحابة قد نقله غيره مما يدل على صحة نقله.

وأما ما لم يعتد به الإمام ابن رشد من إجماعات للصحابة، قد أوردها في كتابه وناقشها واعترض عليها، ولو بمجرد التلميح باستخدام ألفاظ مثل: (زعم، ظن) وهذا الذي لم نتعرض لذكره في هذا البحث.

– وقد بلغت المسائل التي نقل فيها ابن رشد إجماع الصحابة في بداية المجتهد من أول الكتاب إلى آخر الوصايا خمس إجماعات، كلها قد نقل العلماء فيها إجماع الصحابة إلا في مسألة واحدة، فقد أصاب ابن رشد في نقل إجماع الصحابة فيها.


([1]) الفتح: 29.

([2]) صحيح البخاري (3/ 171)، وصحيح مسلم (4/ 1963 رقم 2533).

([3]) سنن الترمذي (4/341)، وسنن ابن ماجه (1/ 16 رقم 43)، قال ابن الملقن في البدر المنير (9/ 582): قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. ورواه ابن حبان في «صحيحه» كذلك، وربما زاد الحرف والكلمة، وفي آخره «فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة». وقال البزار: وهو أصح إسنادًا من حديث حذيفة «اقتدوا بالذين من بعدي… » لأنه مختلف في إسناده، ومتكلم فيه من أجل مولى ربعي وهو مجهول عندهم. قال ابن عبد البر في كتاب العلم: هو كما قال.

([4]) بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد (1/39).

([5]) م ن (1/ 209).

([6]) م ن(2/ 11).

([7]) م ن(2/ 144).

([8]) بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد (3/101).

([9])م ن (2/123).

([10]) م ن(3/ 44).

([11]) سير أعلام النبلاء للذهبي (21/ 307)، وقلادة النحر في وفيات أعيان الدهر للهجراني (4/ 367).

([12]) شذرات الذهب في أخبار من ذهب لابن العماد (6/ 522).

([13]) سير أعلام النبلاء للذهبي (21/ 308)، وشذرات الذهب في أخبار من ذهب لابن العماد (6/522).

([14]) سير أعلام النبلاء للذهبي (21/ 307)

([15])م ن (21/ 307)

([16]) التكملة لكتاب الصلة لابن الأبار (2/ 74).

([17]) تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام للذهبي (42/ 223)، والمعجب في تلخيص أخبار المغرب من لدن فتح الأندلس إلى آخر عصر الموحدين للمراكشي (ص224).

([18]) تاريخ الإسلام للذهبي (12/ 1060).

([19]) سير أعلام النبلاء (21/ 308)، وتاريخ قضاة الأندلس للنباهي (ص111).

([20]) قلادة النحر في وفيات أعيان الدهر للهجراني (4/ 367)، وتوضيح المشتبه في ضبط أسماء الرواة وأنسابهم وألقابهم وكناهم لابن ناصر الدين (4/ 191).

([21]) بداية المجتهد ونهاية المقتصد (4/ 169).

([22]) الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة للمراكشي (4/ 23).

([23]) تاريخ الإسلام للذهبي (12/ 1039)، والتكملة لكتاب الصلة لابن الأبار (2/ 74)، والوافي بالوفيات للصفدي (2/ 82)

([24])بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد (1/ 9).

([25]) م ن(1/ 53).

([26]) م ن(1/95).

([27]) م ن(1/ 95).

([28]) بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد (2/ 142).

([29]) مقاييس اللغة لابن فارس (1/479).

([30])تهذيب اللغة للأزهري (1/254).

([31]) المطلع على ألفاظ المقنع للبعلي ص487.

([32])المطلع على ألفاظ المقنع للبعليص 487.

([33])المختصر في أصول الفقه لابن اللحام ص74.

([34])الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم (4/ 146).

([35]) البحر المحيط في أصول الفقه للزركشي (6/ 438)، وإرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول للشوكاني (1/217).

([36]) قال ابن منظور في لسان العرب (4/ 549): معنى قوله: على رسلكم؛ أي: على مهلكم؛ أي: أمهلوا قليلًا.

([37]) صحيح البخاري (2/ 42 رقم 1077).

([38]) بداية المجتهد ونهاية المقتصد (1/ 233).

([39]) الاستذكار لابن عبد البر (2/ 508).

([40]) المغني لابن قدامة (1/446).

([41])المجموع للنووي (4/ 62).

([42]) المحلى بالآثار لابن حزم (1/ 265).

([43]) الإشراف على نكت مسائل الخلاف للقاضي عبد الوهاب (1/ 269)، والمعونة على مذهب عالم المدينة له (ص 286).

([44]) البيان (دار المنهاج-الطبعة الأولى-1421 هـ- 2000 م) ج2 ص289-290.

([45]) المنتقى للباجي (دار الكتاب الإسلامي-القاهرة-الطبعة الثانية-د.ت) ج1 ص350-351.

([46]) أحكام القرآن لابن العربي (دار الكتب العلمية-الطبعة الأولى-د.ت) ج2 ص370-371.

([47]) تفسير القرطبي (7/ 358).

([48]) عمدة القاري شرح صحيح البخاري لبدر الدين العيني (7/ 111).

([49]) شرح الزرقاني على الموطأ (2/ 24).

([50]) نيل الأوطار (دار الحديث-الطبعة الأولى-1413هـ-1993م) ج3 ص123-124.

([51]) أسنى المطالب (دار الكتاب الإسلامي-د.ط-د.ت) ج1 ص196-197.

([52]) حاشية الجمل (دار الفكر-د.ط-د.ت) ج1 ص467-470.

([53]) نهاية المحتاج (دار الفكر-د.ط-1404هـ-1984م) ج2 ص92.

([54]) تحفة المحتاج (دار إحياء التراث العربي-د.ط-د.ت) ج2 ص204-205.

([55]) شرح منتهى الإرادات (عالم الكتب-الطبعة الأولى-1414هـ-1993م) ج1 ص251-252.

([56]) مطالب أولي النهى (المكتب الإسلامي-الطبعة الثانية-1415هـ-1994م) ج1 ص581-584

([57]) مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح للمباركفوري (3/ 428).

([58]) صحيح البخاري (2/ 42 رقم 1077).

([59]) الاستذكار لابن عبد البر (2/ 508).

([60]) المغني لابن قدامة (مكتبة القاهرة-د.ط -1388هـ 1968م) ج1 ص446.

([61]) المجموع للنووي (4/ 62).

([62]) المحلى بالآثار لابن حزم (1/ 265).

([63]) المبسوط للسرخسي (2/ 4)، والدر المختار لابن عابدين (2/103).

([64]) الإشراف على نكت مسائل الخلاف للقاضي عبد الوهاب (1/ 269)، والمعونة على مذهب عالم المدينة له (ص 286).

([65]) البيان (دار المنهاج-الطبعة الأولى-1421 هـ- 2000 م) ج2 ص289-290.

([66]) المنتقى (دار الكتاب الإسلامي-القاهرة-الطبعة الثانية-د.ت) ج1 ص350-351.

([67]) أحكام القرآن لابن العربي (دار الكتب العلمية-الطبعة الأولى-د.ت) ج2 ص370-371.

([68]) تفسير القرطبي (7/ 358).

([69]) هو ابن الملقن، قاله في التوضيح لشرح الجامع الصحيح (8/ 414).

([70]) عمدة القاري شرح صحيح البخاري لبد الدين العيني (7/ 111).

([71]) شرح الزرقاني على الموطأ (2/ 24).

([72]) نيل الأوطار للشوكاني (دار الحديث-الطبعة الأولى-1413هـ-1993م) ج3 ص123-124.

([73]) أسنى المطالب لزكريا الأنصاري (دار الكتاب الإسلامي-د.ط-د.ت) ج1 ص196-197.

([74]) حاشية الجمل (دار الفكر-د.ط-د.ت) ج1 ص467-470.

([75]) نهاية المحتاج للرملي (دار الفكر-د.ط-1404هـ-1984م) ج2 ص92.

([76]) تحفة المحتاج للهيتمي (دار إحياء التراث العربي-د.ط-د.ت) ج2 ص204-205.

([77]) شرح منتهى الإرادات للبهوتي (عالم الكتب-الطبعة الأولى-1414هـ-1993م) ج1 ص251-252.

([78]) مطالب أولي النهى للرحيباني (المكتب الإسلامي-الطبعة الثانية-1415هـ-1994م) ج1 ص581-584

([79]) المدونة لمالك (1/ 200)، ومختصر خليل (ص38)، والتاج والإكليل لمختصر خليل للمواق (2/ 360)، وكان مالك يستحب له إن قرأها في إبان صلاة ألا يدع سجودها، وكان لا يوجبها، وكان قوله: إنه لا يوجبها، وكان يأخذ في ذلك بقول عمر بن الخطاب -رضي الله عنه.

([80]) الأم للشافعي (1/ 160)، ومختصر المزني: (8/ 109) حيث قال الشافعي: ((وفي هذين الحديثين دليل على أن سجود القرآن ليس بحتم، ولكنا نحب ألا يترك؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم-سجد في النجم وترك)).

([81]) مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح للمباركفوري (3/ 428).

([82]) صحيح البخاري (2/ 41 رقم 1073)، وصحيح مسلم (1/ 406 رقم 577).

([83]) الأموال لأبي عبيد (ص176).

([84]) بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد (2/ 145).

([85]) تيسير البيان لأحكام القرآن (4/ 149).

([86])م ن (4/ 149).

([87]) صحيح مسلم (3/ 1163 رقم 1531).

([88]) سنن أبي داود (3/ 273 رقم 3457)، وسنن الترمذي (2/ 539 رقم 1245).

([89]) بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد (3/ 187).

([90]) الاستذكار لابن عبد البر (6/ 478).

([91]) مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه (6/ 3078).

([92]) تفسير القرطبي (5/ 154).

([93])المحلى بالآثار لابن حزم(7/ 246).

([94]) فتح الباري لابن حجر (4/ 330).

([95]) التنبيه على مشكلات الهداية لابن أبي العز (4/ 337- 339).

([96]) عون المعبود وحاشية ابن القيم للعظيم آبادي (9/ 234).

([97]) نيل الأوطار للشوكاني (5/ 219)، والدراري المضية شرح الدرر البهية له (2/ 258).

([98]) تحفة الأحوذي للمباركفوري (4/ 375).

([99]) الدرر البهية والروضة الندية والتعليقات الرضية للقنوجي (2/ 383)، والروضة الندية شرح الدرر البهية له (2/ 107).

([100]) صحيح البخاري (3/ 64 رقم 2108)، وصحيح مسلم (3/ 1164 رقم 1532).

([101]) الاستذكار لابن عبد البر (6/ 478).

([102]) مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه (6/ 3078).

([103]) تفسير القرطبي (5/ 154).

([104]) صحيح البخاري (3/ 65رقم 2116).

([105]) المحلى بالآثار لابن حزم (7/ 238)

([106])م ن (7/ 246).

([107]) فتح الباري لابن حجر (4/ 330).

([108]) التنبيه على مشكلات الهداية لابن أبي العز (4/ 337- 339).

([109]) عون المعبود وحاشية ابن القيم للعظيم آبادي (9/ 234).

([110]) سبق تخريجه.

([111]) مصنف عبد الرزاق (8/ 52رقم 14272)، ومصنف ابن أبي شيبة (4/ 505 رقم 22578).

([112]) الدراري المضية شرح الدرر البهية للشوكاني (2/ 258).

([113]) الدرر البهية والروضة الندية والتعليقات الرضية للقنوجي (2/ 383)، والروضة الندية شرح الدرر البهية له (2/ 107).

([114]) انظر: فتح الباري لابن حجر (4/ 330).

([115]) نيل الأوطار للشوكاني (5/ 219).

([116]) انظر: فتح الباري لابن حجر (4/ 330).

([117]) تحفة الأحوذي لللمباركفوري (4/ 375).

([118]) صحيح البخاري (3/ 58 رقم 2079)، وصحيح مسلم (3/ 1164 رقم 1532).

([119]) صحيح البخاري (3/ 64 رقم 2111)، وصحيح مسلم (3/ 1163 رقم 1531).

([120]) السنن الكبرى للبيهقي (6/ 162 رقم 11530)، ومصنف عبد الرزاق (9/394رقم 17748)، ومصنف ابن أبي شيبة (5/ 402رقم 27399).

([121]) بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد (4/ 108).

([122]) الاستذكار لابن عبد البر (7/ 212).

([123]) المغني لابن قدامة (مكتبة القاهرة-د.ط -1388هـ 1968م) ج5 ص184-185.

([124]) مختصر اختلاف العلماء لأبي جعفر الطحاوي (5/ 211).

([125]) الشرح الكبير على متن المقنع لعبد الرحمن المقدسي (5/ 402).

([126]) الممتع في شرح المقنع لأبي البركات ابن المنجي ت ابن دهيش ط 3 (3/ 31).

([127]) المبدع في شرح المقنع لابن مفلح (5/ 27).

([128]) مختصر اختلاف العلماء لأبي جعفر الطحاوي (5/ 211).

([129]) الاستذكار لابن عبد البر (7/ 212).

([130]) المعجم الكبير للطبراني (5/ 138 رقم 4878)، قال الزيلعي في نصب الراية (4/ 388):

ورواه العقيلي في ضعفائه، وأعله بإسماعيل أبي أمية، وضعفه عن جماعة من غير توثيق. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (6/ 298): رواه الطبراني، وفيه أبو أمية بن يعلى وهو ضعيف.

([131]) المغني لابن قدامة (مكتبة القاهرة-د.ط -1388هـ 1968م) ج5 ص184-185.

([132]) الشرح الكبير على متن المقنع لعبد الرحمن المقدسي (5/ 402).

([133]) مختصر اختلاف العلماء لأبي جعفر الطحاوي (5/ 211).

([134]) الممتع في شرح المقنع لأبي البركات ابن المنجي ت ابن دهيش ط 3 (3/ 31).

([135]) المبدع في شرح المقنع لابن مفلح (5/ 27).

([136]) الآمة والمأمومة كما في النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير (1/ 68): هما الشجة التي بلغت أم الرأس، وهي الجلدة التي تجمع الدماغ، يُقال: رجل أمم ومأموم.

([137]) قال الفيومي في المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (2/ 623): المنقلة وهي الشجة التي تخرج منها العظام، والأَولى أن تكون على صيغة اسم المفعول؛ لأنها محل الإخراج، وهكذا ضبطه ابن السِّكِّيت، ويؤيده قول الأزهري: قال الشافعي وأبو عبيد: المنقلة التي تنقل منها فراش العظام، وهو ما رقَّ منها فصرَّح بأنها محل التنقيل.

([138]) الموضحة هي التي يبدو منها وضح العظام. انظر: غريب الحديث لإبراهيم الحربي (1/ 36).

([139]) المعجم الكبير للطبراني (5/ 138 رقم 4878)، قال الزيلعي في نصب الراية (4/ 388):

ورواه العقيلي في ضعفائه، وأعله بإسماعيل أبي أمية، وضعفه عن جماعة من غير توثيق. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (6/ 298): رواه الطبراني، وفيه أبو أمية بن يعلى وهو ضعيف.

([140]) موطأ مالك برواية محمد بن الحسن الشيباني (ص286 رقم 808)، ومسند الشاميين للطبراني (4/ 201).

([141]) موطأ مالك برواية محمد بن الحسن الشيباني (ص286 رقم 809).

([142]) مصنف ابن أبي شيبة (4/281 رقم 20134).

([143]) بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد (4/ 114).

([144]) المقدمات الممهدات لابن رشد الجد (2/ 412).

([145]) المغني لابن قدامة (مكتبة القاهرة-د.ط -1388هـ 1968م) ج6 ص41-42.

([146]) شرح مختصر الطحاوي للجصاص (4/ 20)

([147])شرح معاني الآثار للطحاوي (4/380-384).

([148]) بحر المذهب للروياني (7/ 235).

([149]) الشرح الكبير على متن المقنع لعبد الرحمن المقدسي (6/ 250).

([150]) العدة شرح العمدة لبهاء الدين المقدسي (دار الحديث – القاهرة-د.ط-1424هـ 2003 م) ج1 ص315.

([151]) المبدع في شرح المقنع لابن مفلح (5/ 192).

([152]) عمدة القاري شرح صحيح البخاري لبدر الدين العيني (13/ 158).

([153]) بدائع الصنائع للكاساني (دار الكتب العلمية-الطبعة الثانية-1406هـ-1986م) ج6 ص123

([154]) تحفة المحتاج للهيتمي (دار إحياء التراث العربي-د.ط-د.ت) ج6 ص305-307.

([155]) النجم الوهاج في شرح المنهاج لأبي البقاء (5/ 551).

([156]) نهاية المحتاج للرملي (دار الفكر-د.ط-1404هـ-1984م) ج5 ص414-415.

([157]) الروض المربع للبهوتي (1 /326)، وكشاف القناع له (4/ 301).

([158]) سنن أبي داود (4/ 200 رقم 4607)، وسنن الترمذي (5/ 44 رقم 2676)، وسنن ابن ماجه (1/ 15 رقم42)، قال ابن كثير في تحفة الطالب بمعرفة أحاديث مختصر ابن الحاجب (ص: 134): رواه أحمد وأبو داود وهذا لفظه، وابن ماجه، والترمذي وصححه، ورواه الحاكم في مستدركه، وقال: على شرط الصحيحين، ولا أعلم له علة، وصححه أيضًا: الحافظ أبو نعيم الأصفهاني، والدغولي، وقال شيخ الإسلام الأنصاري: هو أجود حديث في أهل الشام، وأحسنه.

([159]) كعثمان وابن عمر وابن عباس ومعاذ رضي الله عنهم، انظر: السنن الكبرى للبيهقي (6/ 281 رقم 11951)، ومصنف ابن أبي شيبة (4/ 280 رقم 20130).

([160]) المقدمات الممهدات لابن رشد الجد (2/ 412).

([161]) المغني لابن قدامة (مكتبة القاهرة-د.ط -1388هـ 1968م) ج6 ص41-42.

([162]) شرح مختصر الطحاوي للجصاص (4/ 20).

([163]) شرح معاني الآثار للطحاوي (4/380-384).

([164]) بحر المذهب للروياني (7/ 235).

([165]) الحاوي الكبير للماوردي (7/ 535).

([166]) الشرح الكبير على متن المقنع لعبد الرحمن المقدسي (6/ 250).

([167]) العدة شرح العمدة لبهاء الدين المقدسي (دار الحديث – القاهرة-د.ط-1424هـ 2003 م) ج1 ص315.

([168]) سبق تخريجه.

([169]) المبدع في شرح المقنع لابن مفلح (5/ 192).

([170]) الروض المربع للبهوتي (1 /326)، وكشاف القناع له (4/ 301).

([171]) عمدة القاري شرح صحيح البخاري لبدر الدين العيني (13/ 158).

([172]) بدائع الصنائع للكاساني (دار الكتب العلمية-الطبعة الثانية-1406هـ-1986م) ج6 ص123

([173]) تحفة المحتاج لابن حجر الهيتمي (دار إحياء التراث العربي-د.ط-د.ت) ج6 ص305-307. والإجماع السكوتي كما قال ابن قدامة المقدسي في روضة الناظر وجنة المناظر (1/ 434): إذا قال بعض الصحابة قولًا، فانتشر في بقية الصحابة، فسكتوا، فإن لم يكن قولًا في تكليف فليس بإجماع. وإن كان: فعن أحمد -رضي الله عنه -ما يدل على أنه إجماع، وبه قال أكثر الشافعية. وقال بعضهم: يكون حجة، ولا يكون إجماعًا. وقال جماعة آخرون: لا يكون حجة ولا إجماعًا، ولا يُنسب إلى ساكت قول، إلا أن تدل قرائن الأحوال على أنهم سكتوا مضمرين للرضا، وتجويز الأخذ به.

([174]) أي: لقول أبي بكر الصديق رضي الله عنه.

([175]) النجم الوهاج في شرح المنهاج لأبي البقاء (5/ 551).

([176]) نهاية المحتاج للرملي (دار الفكر-د.ط-1404هـ-1984م) ج5 ص414-415.

([177]) صحيح مسلم (4/ 2273 رقم 2958).

([178]) رواه عبد الرزاق في مصنفه (9/ 107 رقم 16529) من قول إبراهيم النخعي، وقال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة (1/ 536): لا أصل له مرفوعًا. وإنما رواه عبد الرزاق من قول النخعي، كما ذكره الزيلعي في نصب الراية (4 / 121). وهو في الآثار لأبي يوسف (ص 163 رقم 751).

Leave A Reply

Your email address will not be published.