تقرير حول أطروحة بعنوان: “الأصولية وخطاب النهايات في الديانات الثلاث اليهودية والمسيحية والإسلام: دراسة مقارنة”
نوقشت يوم 28 فبراير2019 برحاب كلية الآداب والعلوم الإنسانية – سايس، جامعة سيدي محمد بن عبد الله أطروحة جامعية تحت عنوان: الأصولية وخطاب النهايات في الديانات الثلاث اليهودية والمسيحية والإسلام: دراسة مقارنة، أعدها الباحث مصطفى العلام. وتشكلت لجنة المناقشة من السادة الأساتذة: الدكتور سعيد كفايتي (كلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس ـ فاس) مشرفا ومقررا، والدكتور عبد العزيز انميرات (كلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس ـ فاس) رئيسا، والدكتور عبد الرحيم العطري (كلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس ـ فاس) عضوا، والدكتورة سناء الراشدي (كلية الآداب والعلوم الإنسانية ظهر المهراز ـ فاس) عضوا، والدكتور إبراهيم بورشاشن (المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين ـ سيدي قاسم) عضوا، وقررت في نهاية مداولاتها منح الباحث درجة الدكتوراه بميزة: مشرف جدا.
وفيما يلي الخطوط العريضة لأبرز مضامين التقرير:
لقد كثر الحديث عن موضوع الأصولية الدينية منذ السبعينات من القرن الماضي وخاصة مع قيام الثورة الإسلامية في إيران. ومنذ ذلك الحين تأسست العديد من المراكز الدولية للبحث ودراسة هذه الظاهرة التي اتخذت بعدا كونيا وشملت حضارات تختلف في أصلها الثقافي، مثلما تتباين في مستوى نموها الاقتصادي. كما تناثرت الكتابات هنا وهناك لوصف ظاهرة الأصولية الدينية المنبعثة من موقعها الهامشي الخلفي لتحتل وسط مسرح الأحداث. ولما كانت نهاية العالم وأحداثه المستقبلية الشغل الشاغل لكثير من الناس وخاصة الأصوليين منهم، تقدمت بهذا الموضوع لنيل شهادة الدكتوراه: الأصولية وخطاب النهايات في الديانات الثلاث اليهودية والمسيحية والإسلام ـ دراسة مقارنة ـ فالحديث عن النهايات حديث قديم جديد ما زال يهيمن على الفكر العقدي لفهم العالم وأحداثه. كما أن الحضور القوي لخطاب النهايات في الفكر الديني جعله يشغل في عصرنا الحاضر حيزا واسعا من فكر بعض كبار رجالات السياسة والدين والعلم وعامة الشعوب الغربية، وخاصة في أمريكا وبريطانيا وكذلك الأصوليون اليهود في مختلف أنحاء العالم…
ويدخل هذا الموضوع في إطار البحوث والدراسات المستقبلية التي تحاول الربط بين الأصوليات في الديانات الثلاث، اليهودية والمسيحية والإسلام وبعض نبوءات وأحداث آخر الزمان، أو أحداث النهايات المشتركة بينها.
الجديد في هذا البحث:
إن الذي يميز هذا البحث هو:
أ ـ عرضه لخطاب النهايات الذي تشترك فيها الديانات الثلاث على شكل ثنائيات تم اختيارها وفق منهجية مدروسة، ونخص بالذكر:
- “يأجوج ومأجوج” و” الحروب الدينية الأخيرة ” في الديانات اليهودية والمسيحية والإسلام.
- “المسيح الدجال” أو ” عدو المسيح” و”المسيح المنتظر” في الديانات اليهودية والمسيحية والإسلام.
- “الملك الألفي ” في الديانتين اليهودية والمسيحية و”الخلافة والمهدي المنتظر” في الإسلام.
- ” النبوءات” و”القدس الشريف” في الديانات اليهودية والمسيحية والإسلام.
ب ـ كونه أول دراسة تتناول مستقبل الأصوليات الثلاث في الديانات اليهودية والمسيحية والإسلام على ضوء نبوءات آخر الزمان وأحداثه.
ج ـ تقديمه رؤية متكاملة لتجنب الصراع الديني الأصولي الأصولي والتوجه نحو آفاق السلم والسلام العالميين.
ـ منهجية البحث:
استلزم موضوع البحث الذي بين أيدينا الجمع بين مجموعة من المناهج نجملها فيما يلي:
- المنهج الاستقرائي: وهو المنهج القائم على جمع النصوص في الديانات اليهودية والمسيحية والإسلام من مصادرها المعتمدة.
- المنهج التاريخي: وهو الذي أتاح لي الرجوع إلى بعض المصادر التاريخية التي لها صلة بالبحث.
- المنهج الوصفي: وهو الذي مكنني من وصف دقيق للأصولية الدينية وعلاقتها بنبوءات وأحداث آخر الزمان في الديانات الثلاث.
- المنهج المقارن: الذي مكنني من مقارنة الأصولية في الديانات الثلاث من حيث النشأة والملامح العامة ونماذج الفرق، وكذلك لخطاب النهايات فيما يتعلق بالمسيح الدجال والمسيح المنتظر ويأجوج ومأجوج والملك الألفي…
ـ خطة البحث:
يتكون البحث من مقدمة وستة فصول وخاتمة:
المقدمة: ذكرت فيها أهمية الموضوع ودواعي اختياره والدراسات السابقة والصعوبات التي واجهت الباحث ومنهجه وأسلوبه وخطته والإشكالية التي يطرحها.
الفصل الأول: خصصته للحديث عن الأصولية في الديانات الثلاث من حيث المفهوم لغة واصطلاحا، والملامح العامة التي تميز هذه الأصوليات الدينية موضوع الدراسة، وأخيرا نماذج من فرقها، ويتعلق الأمر أساسا بحركة ” غوش إيمونيم” التي تمثل الأصولية اليهودية، وحركة ” الأغلبية الأخلاقية” التي تمثل الأصولية البروتستانتية الأمريكية، وحركة ” الإخوان المسلمون” التي تمثل الأصولية الإسلامية.
الفصل الثاني: تم فيه التركيز على حدثين من أحداث النهايات ونظرة الأصوليات في الديانات الثلاث لهما. فالحدث الأول يتناول حرب” يأجوج ومأجوج” حيث تمت المقارنة بين الديانات الثلاث في هذا الحدث على مستوى اللفظ ودلالته وزمن ومكان وقوعه ووقائعه ونهايته. أما الحدث الثاني فهي الحروب الدينية الأخيرة المتمثلة في “معركة غضب الرب” بالنسبة للأصولية اليهودية و” معركة هرمجدون” بالنسبة للأصولية البروتستانتية الأمريكية و”الملحمة الكبرى” بالنسبة للأصولية الإسلامية.
الفصل الثالث: تناولت في هذا الفصل حدثين آخرين من أحداث النهايات، يتعلق الأمر بالمسيح الدجال أم عدو المسيح، حيث تمت دراسة هذا الحدث على المستوى اللفظي والأعمال والخوارق التي سيقوم بها المسيح الدجال ومكان وزمن ظهوره وهوية أتباعه. أما الحدث الثاني فيتمثل في العودة الثانية للمسيح أو نزوله في آخر الزمان، حيث تناولته أيضا على المستوى اللفظي والقصد من عودته أو نزوله، وأيضا ظهور بعض المسحاء الكذبة الذين انتحلوا هويته.
الفصل الرابع: تطرقت في هذا الفصل إلى حدثين آخرين من أحداث النهايات تنتظرهما الأصوليات في الديانات الثلاث: الحدث الأول يتمثل في الملك الألفي في الديانتين اليهودية والمسيحية وتضارب آراء الطوائف اليهودية والمسيحية حوله. أما الحدث الثاني فيتعلق الأمر بالخلافة الإسلامية السنية والإمامة الشيعية وعلاقة كل واحد منهما بالمهدي المنتظر السني والمهدي المنتظر الشيعي.
الفصل الخامس: تحدثت في هذا الفصل عن ثلاث قضايا أساسية: القضية الأولى تتعلق بالنبوءات في الديانات اليهودية والمسيحية والإسلام انطلاقا من سفري ” دانيال” و” حزقيال” بالنسبة للعهد القديم، و” رؤيا يوحنا” بالنسبة للعهد الجديد، و” وعد الآخرة” الخاص ببني إسرائيل في سورة ” الإسراء” بالنسبة للديانة الإسلامية. أما القضية الثانية، فتتعلق بالقدس الشريف التي هي مسرح الأحداث والنبوءات في آخر الزمان بالنسبة للديانات الثلاث، حيث تناولت قضية القدس انطلاقا من أهميتها ومآثرها وتراثها وموروثها الديني. وأخيرا تحدثت عن القضية الثالثة التي هي بلاد الشام وأهميتها في الموروث الديني الإسلامي خاصة.
الفصل السادس: في هذا الفصل الأخير من البحث تناولت فيه خطاب النهايات وهوس النبوءات التوراتية والإنجيلية في الغرب من خلال الكتابة والإعلام والإنترنيت والسينما، وكذلك قضية تأويل هذه النبوءات وانعكاساتها السياسية والدينية على السياسة الأمريكية خاصة والغربية عامة.
وأخيرا ختمت البحث بخلاصات ونتائج تمضي إلى حتمية الصراع الديني التي تدفع باتجاهه الأصوليات الدينية، وكذلك بعض الخطوات العملية لتفادي الصراعات والحروب والتوجه نحو السلام والأمن العالميين.
الخاتمة: خصصتها لأهم الخلاصات والاستنتاجات والتوصيات الخاصة بالبحث.
ـ أهم نتائج البحث:
- توجد الحركة الأصولية في الديانات الثلاث لكن يتم التركيز على الأصولية الإسلامية المتطرفة فقط لغرض ربط الإسلام بالإرهاب والتطرف.
- يتفق الأصوليون في الديانات الثلاث حول بعض أحداث النهايات. لكنهم يختلفون في وصف هذه الأحداث وطريقة حدوثها.
- يتفق الأصوليون المسلمون وبعض الأصوليين اليهود والمسيحيين في الاعتقاد بظهور يأجوج ومأجوج في آخر الزمان وخوضهم لحرب وحشية ضد المسيح وأتباعه من المؤمنين، لكنهم اختلفوا حول زمن هذه الحرب ومكانها ووقائعها ونتائجها.
- يعتقد الأصوليون في الديانات الثلاث كل حسب ديانته بوجود الحرب الدينية الأخيرة والحاسمة، لكنهم اختلفوا حول طبيعتها ومجريات الأحداث فيها والقوى المشاركة فيها ونتائجها.
- يتفق الأصوليون المسلمون وبعض الأصوليين البروتستانت حول ظهور المسيح الدجال أو ضد المسيح. لكنهم اختلفوا حول مكان ظهوره ومدة وجوده وطبيعة وهوية أتباعه.
- تتفق الأصوليات في الديانات الثلاث حول ظهور المسيح المنتظر، لكنهم اختلفوا حول القصد من ظهوره.
- ينتظر الأصوليون البروتستانت وبعض الأصوليين اليهود الزمن “المسيحاني” أو “المشيحاني” ويطلقون عليه اسم “الملك الألفي”. لكن الأصولية الإسلامية تنتظر خلافة سنية ثانية، وإمامة شيعية معصومة مع المهدي المنتظر.
- تنتظر الأصولية الإسلامية بشقيها الشيعي والسني مهديهما المنتظر في آخر الزمان، لكنهم اختلفوا في نسبه وزمن ظهوره، وفي الأعمال التي سيقوم بها ومدة مكوثه في الأرض.
- تؤمن الأصوليات في الديانات الثلاث بنبوءات آخر الزمان التي تحتل مساحة كبيرة في الموروث الديني اليهودي والمسيحي والإسلامي.
- مدينة القدس حاضرة بقوة خطاب النهايات، حيث يسود الاعتقاد عند الأصوليين في الديانات الثلاث أنها ستكون مركز الأحداث وعلى أرضها ستدور المعارك والصراعات وبروحها تتعلق النبوءات. وستظل بلاد الشام أيضا حاضرة بقوة في خطاب النهايات بالنسبة للأصولية الإسلامية فقط.
- لم يعد هوس النبوءات التوراتية والإنجيلية في الغرب مقتصرا على الأصوليين فقط بل انتقل إلى مجالات أخرى لها تأثير قوي في صناعة الرأي العام. وكان وجود إسرائيل عاملا حاسما في إطلاق الصراع الديني الأصولي والاعتقاد ببداية تحقيق نبوءات وأحداث آخر الزمان.
- رغم أن كل المحاولات لإسقاط النبوءات التوراتية والإنجيلية والإسلامية على الواقع المعاصر والمتغير لم يكتب لها النجاح، فإن الأصوليين في الديانات الثلاث لازال يراودهم حلم تحقيقها وانتظار استكمال شروطها.